امبراطورية الرجال - للكاتبة رحاب ابراهيم " الفصل الثامن عشر ج 2"



اربع شباب هم ورثة عائلة من فروع استقراطية قديمة العهد..رسم كلاً منهما وجهةٍ لحياته خاصة به..بينما يأبى العم الأعزب والمسؤول عنهم بعد وفاة آبائهم في حادثة أن ينغمس كل شاب فيهم بحياته فيقرر أن يسلبهم من إرثهم عقاباً على استهتارهم..فتقذفهم الحياة للحي الشعبي الفقير حيث المتمردات الأربعة..كيف تسير الأمور بينهم؟ وكيف يلتحم درب البساطة مع الغنا وحياة القصور؟ ولماذا يتنكرون الفتيات بمظهر أشبه بالرجال؟!! العم/ وجيه الزيان والشباب الأربعة.. آسر.. رعد.. جاسر.. يوسف المتمردات.......... سما.. رضوى.. جميلة.. حميدة


امبراطورية الرجال - للكاتبة رحاب ابراهيم


# الفصل_الثامن_عشر ج 2
استغفر الله عدد ما كان وعدد ما يكون وعدد الحركات والسكون..
اللهم صلِ وسلم وبارك على محمد ...٣مرات
سبحان الله ، الحمد لله، ولا حول ولا قوة الا بالله
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤

الف مبروك..
قالتها للي بابتسامة ونظرة حائرة بنظرات الفتيات المحدقة بها وكأنهم يتأكدون أن كانت حقيقة أم لا!!
ظل الفتيات ينظرون لها بدهشة حتى توجهوا إليها ملتفين حولها بنظرة تتفحصها بدقة من رأسها لأخمص قدميها!!
ابتلعت للي ريقها بتوتر حتى قالت حميدة وهي تنظر لشعر للي المسترسل بنعومة فائقة وتهب منه رائحة ذكية منعشة :-
بقى أخويا سقراط الجربان يعرف السنيورة دي؟!!
تمعنت سما في وجه للي المزين بحرافية عاليـة بمساحيق التجميل التي بدت وكأنها طبيعية..قالت باتساع بؤبؤ العين :-
_ قمر قمر يعني !! اكيد مش بتاكل غير مربى وقشطة..
تطلعت جميلة في رداء للي الفضي وقالت بإعجاب:- حلوة...وفستانها حلو..احلى من فستاني الحقير..
أشارت رضوى على الحلق الفضي الذي يلتمع بأذن للي الصغيرة وقالت :- الماظ ده؟! ليكون فالصوا!!
ابعدهم سقراط بغيظ مع ضحكة للي الخافته وهتف بالفتيات بعصبية:-
_هو انتوا كمان هتعاكسوها يا غجر؟! ده على ما جبتها لهنا دخلت في معارك وخناقات متأجلة !!
هتفت حميدة بتساؤل:- مين دي يا سقراط؟!
قالت سما بضحكة واثقة:- الرقاصة..مش حوار يعني!!
قطبت للي حاجبيها بضيق وكادت أن تتحدث وتعلن عن هويتها ليقل سقراط معنفاً الفتيات:- ما انتوا ما تعرفوش ريحة الجمال يا برعي منك ليها!! بقى في حد في الحارة مابقاش يعرف مين ليان يوسف؟! ده انا هنكتب الشارع باسمها..
شهق الفتيات عندما تذكروا ذلك المحل الفخم الذي يتم تجهيزوه منذ مدة كبيرة...قالت حميدة بدهشة:- يالهوي!! ليان يوسف اللي بتطلع في التليفزيون وفي البرامج عندنا في البيت؟!!!
خرجت سما من صدمتها وقالت:-
_ بقى القمر دي ليان يوسف ؟! اه..كده صح..بس كنت فكراها اكبر من كده!! طلعت كتكوته..
ضحكت للي على مظهر الفتيات وقالت بلطف :-
_ مش اوي كده يا بنات !! عادي يعني
قالت رضوى بقوة:- عادي ايه !! ده نهارنا ابيض النهاردة
قالت جميلة بابتسامة وهي تشير لها لتجلس :- نورتينا يا مدام ليان..اتفضلي اقعدي ارتاحي
ابتسمت للي وقالت بود:- تقدري تقوليلي للي ، مابحبش ليان
جلست للي للمقعد المشار عليه...حتى هتفت حميدة بشقيقها وقالت:- حاجة ساقعة يا سقراط بســـرعة
رفضت للي وقالت :- لا لا أنا لسه شاربة والله ،أنا اصلا مش بشرب مياه غازية عشان النظام الغذائي بتاعي..
همست سما بعدم فهم وقالت لحميدة:-
_ هو ايه النظام الغذائي ده يا حميدة ؟! هي بتبعتر وهي بتاكل؟!
قالت حميدة وأجابت:- هبقى أسأل يوسف ، مفتاح أي سؤال يخص الطبيخ..ضليع في شؤون المحشي والصلصة..
تساءلت جميلة بتعجب:-
_ بس ليه اخترتي حارتنا بالذات ،مع أنك مشهورة أوي ، كان ممكن تختاري مكان انضف من ده بكتير !!
اجابت للي بابتسامة ولم يغفل عنها وجه جميلة الملطخ بمساحيق تجميل سيئة التناسق:-
_ انا عندي فرعين كبار بس اللي خلاني افتح فرع هنا هو أن أصلا البيت اللي فتحت فيه الفرع الجديد بتاع جدي الله يرحمه ، كنت بحب أجي ازوره هنا أوي وانا صغيرة ، ليا ذكريات جميلة كتير هنا
سما بتعجب:- كنتي بتيجي هنا؟! بس ماشوفناكيش خالص هنا ؟!
اجابت للي بلمحة عابسة بملامحها:-
لأن من بعد جوازي وحتى لما اتطلقت ماجيتش هنا ، تقريبًا من ١٥ سنة ، وجدو مات بعد جوازي بشهرين
هتفت رضوى وقالت وهي تستعجلهم:- يا بنات خلصوا يلا العريس زمانه جاي والوقت سرقنا..
اسرعت جميلة للمرآة وقالت بضيق:- يعني مكياج زفت وكمان ساح!! كنت عارفة أنها شبكة منيلة
ضربت سما قدميها بالأرض كالطفلة وصاحت:- محدش سمع كلامي ، كان زماني دلوقتي جايبة البت سكرة بتاعت كوافير ام سماح للعرايس..
نهضت للي وقد انفجرت من الضحك ثم قالت لجميلة بحماس:-
_ روحي اغسلي وشك وتعالوا ورايا كلكم ، اعتبروني الساحرة الطيبة..
قالت للي ذلك بحماس كبير وابتسامة قد وصلت لقلبها بصدق لرؤية الفرحة بأعين الفتيات..
نظر الفتيات لبعضهن بابتسامة خفية فقالت سما :- طب هنطلع أزاي من النسوان اللي في الصالة دي!!
قال سقراط بقوة :- سيبيهملي
قفزت سما بضحكة:- حلوووو، وهطفي لمبة السلم عشان ماتنورش الشارع واحنا طالعين ونتشاف
هم سقراط بالخروج فقال قبل أن يفتح الباب:-
_ هحبس النسوان في اوضة ستك حميدة وانزل اسخن التوكتوك وهستناكم قدام البيت عشان محدش ياخد باله منكم
قالت للي باستحسان:- برافوا سقراط
اسبل أهداب عيناه بهيام وهو يتوجه للباب ببطء حتى اصطدم رأسه بالباب فتلفظ الشتائم:- باب أبن....
قالت للي بتحذير :- قولنا إيـه؟! لازم تبطل تشتم !!
صحح سقراط سريعاً بابتسامة ارغمها على الظهور:- قلب..باب أبن قلب..قلبي يعني
ارتفعت ضحكت للي ثم قالت للفتيات:-
_ تعرفوا مكانش عندي حماس للشغل بس دلوقتي حاسة أني ممكن اخلص عشر عرايس في ساعة..هطلعكم قمرات..ساعتين بس واخلص
قالت جميلة بقلق:- ساعتين هتكون الخطوبة خلصت!!
تدخلت سما بالأمر:- هتخلصك أنتي الأول وبعدين احنا
قالت للي بقوة:- طب يلا مافيش وقت ولازم نأخر العريس شوية على ما يوصل
قالت رضوى بمرح:- دي مهمة سقراط ، هو هيتصرف
كتمت للي ضحكتها من طريقة رضوى بالحديث حتى أسرع الفتيات بجمع ما يلزم من الفساتين المخصصة للخطوبة فقالت للي معترضة:-
_ سيبوا الفساتين دي ، انا عندي اللي يناسبكوا واحلى ، يلا بسرعة
خرج سقراط من الغرفة وهم بدفع النسوة داخل غرفة الجدة حميدة وهو يهتف :-
_ يلا يا ولية ستي عايزاكم في اوضتها ، يلاااا ده في كنافة جوا
فتحت سما الباب بخفوت لطريق أن الطريق أصبح خالِ فأشارت للفتيات...
***امام المبنى***
جلس سقراط بمقعد القيادة بالتوكتوك وارتدى نظارة شمسية بثقة عالية فقالت حميدة وهي تلكمه على ظهره بغيظ:- هتلبسنا في الحيطة يا اهبل !!
تحركت رأسه وانفه دلالالة على السخرية ثم قال برقة ل "للي" تعالي اقعدي جانبي يا للي..حاجزلك جانبي
نظر الفتيات لبعضهن بضحكة بينما رمقته حميدة بغيظ ،جلست للي بابتسامة واسعة وشعرت وكأنها نست ما يؤلم قلبها ولو بعض الوقت..تحرك سقراط بالتوكتوك حتى مكان البيوتي سنتر....خرج الفتيات من التوكتوك لتقل للي بمرح لسقراط:- زي ما قولتلك ، حاول تأخر العريس شوية ، ساعة ساعتين كده على ما نخلص
قال سقراط بابتسامة عذبة:- لو عايزاني أرشه بجاز هرشه ، انفخه زي الكوتش ما يضرش ، انت تؤمر يا عسل
لوت حميدة فمها وقالت بهمس:- شوف الواااد!!
اتسعت ابتسامة للي وقالت بضحكة :- لأ اخره بس
ذهب سقراط ضاحكا من امام المكان ودلف الفتيات للداخل خلف للي..نظر كلا من الفتيات للمكان بأنبهار ولرائحة العطور المنبعثة منه ،والأضواء التي تحاوط مرآة كبيرة مستطيلة الشكل تأخد مساحة كبيرة من الحائط بينما المكان بالداخل ذو مساحة كبيرة اكبر من مظهره بالخارج..
قالت للي للفتيات العاملات بالمكان :- جومانة ، سااارة ،جهزولي التلات بنات دول على ما اخلص العروسة
قالت جميلة وهي تسرع لغسل وجهها:- هغسل وشي هنا بقى مالحقتش اغسله في البيت
اعطتها للي غسول مناسب للبشرة بعدما تساءلت عن نوع بشرتها فبدأت جميلة تنظف وجهها بقوة...تبعها الفتيات حتى ذهبت للي لزاوية خاصة بفساتين السواريه الخاصة بالمحجبات لتقل لها جومانة بهمس:-
_ للي...أنتي متأكدة أن البنات دول هيقدروا يدفعوا تكلفة الليلة دي؟!
تطلعت بها للي بتحذير:- وطي صوتك يا جومانة!! دول تبعي ماتسأليهمش على فلوس خالص ، دي هدية مني ليهم ، وحق شغلكم أنا هدفعه ما تقلقيش
جومانة بأسف :- مش أقصد بس ماكنتش أعرف أنهم تبعك معلش ، هروح بقى اقف معاهم
عادت للي للفساتين وانتقت ما يناسب الفتيات بعناية ودقة..
جلست جميلة على احد المقاعد أمام مرآة كبيرة نظيفة ، وامتزج شعورها ما بين القلق والتوتر والبهجة والأطمئنان لهذه الفتاة الذي وكأنها نجدة السماء..
لم تستطع للي تغيير ردائها نظرا لضيق الوقت فبدأت العمل بحماس عالي وابتسامة وضحكات متشاركة بينهنّ..
                                     ****** صل على النبي الحبيب
***بمنزل الشباب***
وقف جاسر أمام مرآة بالغرفة وهو يرتدي جاكته الأسود الأنيق على قميص أبيض ناصع ورابطة عنق سوداء رفيعة اظهرت بشدة عرض منكبيه..قال يوسف بمرح:-
_ آخر حاجة كنت اتوقعها أن الفاسد اللي فينا هو أول واحد يدخل القفص..
عدل جاسر ياقة المعطف بموازاة مع ياقة القميص وقال وقد بدأ يرتدي ساعة معصمه:-
_ ومين اللي مأكدلك أني هدخل القفص؟! دي خطوبة مش جواز !!
قال رعد بضحكة:- ماهي بتبدأ كده ومابتعرفش بعد كده ايه اللي بيحصل...هتصحى في يوم هتلاقي نفسك بقيت متجوز وليك بيت وأسرة..
لوى جاسر شفتيه بسخرية..لم تكن مجال للسخرية بداخله مثلما يظهر بل كان شيء من التعنيف للنفس ، لما كل هذا؟! ما هذا الهراء الذي وضع نفسه به؟! تخلل شعوره بنجاح خطته شيء من السخف للأمر وشيء آخر مجهول لم يستطع كنه!!
تساءل آسر وهو يربط ربطة عنقه بعناية:-
_ أنت كلمت عمك وجيه يا يوسف وقلتله؟
مط يوسف شفتيه بتذمر وقال:- حاولت اتصل بيه لكن رفض يرد عليا ، بعتله رسالة بموضوع الخطوبة وطبعاً عزمته ، بس أنا متأكد انه مش جاي..
قال جاسر بغموض:- احسن أنه مش جاي ، هيجي على الفاضي
ضيق يوسف عيناه بشك وتوجه لجاسر مستفسرا ببعض العصبية:- تقصد ايه يا جاسر؟! انا افتكرتك عقلت !! ياريت ما تحطناش في موقف وحش قدام أهل حميدة..
تحاشى جاسر النظر ليوسف وتظاهر بنثر العطر الرجالي على ملابسه وأجاب:- ما تكبرش الموضوع يا يوسف
احتدت نبرة يوسف الذي كلما اصبحت هكذا:-
_ أنت اللي مابقتش فاهمك؟! انا متأكد أنك لا يمكن تاخد الخطوة دي لمجرد عند او غرور !! ، بس لما بسمع كلامك بقلق منك
توجه جاسر له بتساؤل حاد:-
_ قولي أنت بقى حكايتك ايه؟! كل ما تتكلم تقول أهل حميدة أهل حميدة..أنت مابتعملش حساب لحد للدرجادي..واضح أن مش اهل حميدة هما السبب في خوفك وقلقك ده..دي حميدة نفسها!!
تلعثم يوسف بالقول..لم يعرف بأي اجابة يرد...فهو نفسه لا يعرف حقيقة ما يمر به..قال ببطء:-
_ وفيها ايه يعني؟! هي أو أهلها واحد وبعدين دماغك ما تروحش لبعيد ، أنا ماينفعش افكر في أي واحدة غير لما أحس أني اقدر ابقى مسؤول عن زوجة واولاد مش عمي هيصرف عليهم كمان!! وكمان أنا فعلا مش شايف حميدة بأكتر من صداقة
قال جاسر بحدة:- يبقى خلاص ما تقعدش تديني عبر ومواعظ !!، لما يبقى يحصل حاجة ابقى اتكلم
انتبهوا الشباب لصوت قرع على باب الشقة فذهب رعد ليفتحه...
دلف سقراط وبيده زجاجات مشروب بارد واعطى لكل شاب زجاجة وقال بمرح:-
_ الف مبروك يا عريس
وضع جاسر زجاجته على منضدة تتوسط الغرفة وقال:- طب يلا عشان كده هنتأخر..
قال سقراط سريعا:- لأ استنوا خمس دقايق كده لسه الليلة ما بدأتش..هروح اجيب كوباية أشرب فيها...
اسرع سقراط للمطبخ وسكب محتوى الزجاجة بكوب زجاجي كبير ثم ركض بإتجاه جاسر الذي وقف متحدثا مع آسر في أمراً ما...تظاهر سقراط بالتعثر حتى وقع المشروب على ملابس جاسر ونال آسر حظا من هذا المشروب أيضاً...
نهض سقراط وابتسم لنفسه لنجاح الخطة وتظاهر بالأسف وهو يتوجه لجاسر :-
_ والله ما خدت بالي ، هات البدلة ثواني وتكون نضفت عند الولا علي المكوجي ..
خلع جاسر سترته بنظرات غاضبة وقد كتم عصبيته بأعجوبة ، هتف آسر بانفعال:- هدومي انا كمان اتبهدلت..
قال سقراط متأسفاً :- هات أنت كمان البدلة ،دقايق وهرجعلكم بيهم زي الفل..
اعطاه كلا من جاسر وآسر السترات السوداء فركض سقراط خارجا من المنزل بضحكة خافته...قال جاسر بغيظ:- لولا أنه قريبهم كنت لزقته في الحيطة
آسر بضيق:- يارب ما يتأخر ، انا مش بحب اروح مناسبة بحاجة لبستها قبل كده
قال يوسف بلطف:- هو قال دقايق ما تخافوش وبعدين لسه الليلة طويلة
                                    ******* لا حول ولا قوة الا بالله
انهت جميلة تنظيف بشرتها بعدة مسكات طبيعية ثم بدأت للي بتجفيف وجهها برفق ثم قالت:- قومي البسي الفستان السيمون الأول ، هيبقى تحفة عليكي
نظرت جميلة للرداء المعلق على مشجب بإنبهار وترددت في النهوض لتحسها للي على الاسراع..توجهت جميلة لزاوية مغلقة خاصة لذلك وبدأت ترتديه..مرت دقائق ووقفت أمام المرآة بابتسامة..تسللت فرحة غامضة لقلبها ، لأول مرة ترتدي شيء يظهر انوثتها لهذا الحد ، تطلعت بتمعن على مظهرها ولم تصدق أنها تمتلك هذا الكم من الأنوثة...لاسيما أنها كانت دائما تتخفى بملابس الرجال فأين لها أن تكتشف هذا؟! كان الرداء يناسبها تمامًا وكأنه صنع خصيصا لها!! رغم أنها بالحركة تشعر ببعض الضيق عند منطقة الخصر وهذا الشيء الوحيد الذي بدا مزعجا بالرداء..هتفت للي بعجالة فخرجت جميلة بنظرات خجلى من تطلع الفتيات بها...شهقت سما وقالت:- تحفة
اشاد الجميع بانبهار لتقل للي بثقة:- كنت عارفة أنه انسب حاجة ليكي ،خبيرة بقى
جلست جميلة على مقعدها مجددا وبدأت للي بتزيين وجهها فأتت جومانة بحجاب يناسب الفستان حتى انتهت للي بعد مرور نصف ساعة ثم بدأت بربط الحجاب على وجهها بيد احترافية قد اعتادت على ذلك لسنوات عدة..
اخيرا وقفت جميلة التي تجاهلت النظر للمرآة حتى الأنتهاء تمامًا فوجهتها للي للمرآة بابتسامة وقالت:- ها بقى ،قوليلي رايك
التفت الفتيات اليها وتركوا استعدادهنّ للتزيين لتهتف سما بضحكة:- جاسر هيتجوزها النهاردة ههههههه
ابتسمت حميدة بسعادة وقالت لجميلة:- طول عمرك زي القمر يا جميلة
قالت رضوى بفرحة حقيقية:- نفسي أشوف وشه لما يشوفك قمر كده ، الواد هيتهبل
اطرفت جميلة عيناها بعدم تصديق ، اهي تلك الفاتنة التي تراه بالمرآة ؟! ما هذا السحر الذي وضعته للي لتتحول من فتاة بسيطة لتلك الأميرة!! رفرف قلبها بفرحة لنفسها ولثقتها العالية التي اكتسبتها للتو...قالت للي:- هخلص حميدة بسرعة عشان هتسبقونا الأول..
ذهبت حميدة لإرتداء فستان بلون الكرز الأحمر يتشكل برسمة وكأنها عروس البحر..بعكس رداء جميلة الذي وكأنه صنع لأميرة المملكة..
بدأت للي بتزيين حميدة حتى انتهت بمدة أقل بضعة دقائق لتنال حميدة ذات الاطراء فقالت للي:-
_ استنوا نشوف سقراط الأول عمل ايه
كادت للي أن تخرج من المكان حتى دلف سقراط وهو يلهث :-
_ اخرتهم ساعة ساعة الاربع وخلصت بس دلة جاسر اللي انكب عليها العصير ،فكرته هيستنى ابن عمه بس استعجل وراح بيتنا ،يلا لو خلصتوا عشان ارجع أشوف بدلة آسر
ذهبت جميلة وحميدة معه فنظر لهم بذهول:- انتوا استحميتوا بتنر ولا بمية نار ؟! ده انتوا اتصنفرتوا مش اتمكيجتوا!!
كتمت للي ضحكتها حتى ذهبوا فأطلق الجميع ضحكاته بقوة...
                                   ******* لا اله الا الله
***بمنزل حميدة****
ارتجف جسد جميلة وهي تصعد الدرجات حتى باب المنزل بالطابق الثاني ...قالت حميدة بغيظ من سقراط:- مش كنت تولع نور السلم يا غبي !!
قال بحدة:- جيت اولعه اللمبة فرقعت يا فقر!! مافيش فايدة...البوم عمره ما هيبقى سمان ابداً..
اخيرا وقفوا بالقرب من مدخل الشقة فوقفت جميلة بقلق جعل قلبها يدق بعنف من الخجل فهمست حميدة بابتسامة:-
_ هيتلوح اقسم بالله ، وهفكرك بعد كام ساعة
ابتسمت جميلة بخجل واشتعلت وجنتيها احمرارا  بشدة حتى اطلقت حميدة زغروظة الدخول ويداها متعلقة بيد جميلة وباليد الأخرى تمسك سقراط وتوجه للداخل بفهامة وكأنه يزف موكب السلطان...
وقف جاسر بعدما هب من مقعده بصدمة ، راقبه رعم ببسمة خفية وهمس :- هابي جواز داي يا وحش ، كنت فاسد وصايع ومحدش قدك ، ده أنت مش هتدخل القفص ده أنت هتجري على القفص..
ابتسم يوسف وقال:-  مين الكريزة اللي جانبها دي وبتزغرد؟! هما يعرفوا ناس نضيفة اوي كده ؟!
ابعدهم جاسر بكلتا يداه وقال وعيناه متسمرة على جميلة :- غوروا في داهية دلوقتي وسيبوني مع التنين ده.. دي هليكوبتر كان مستخبي في عربية فول!!
توجه جاسر اليها ببسمة ماكرة ومذهولة من الجمال الفاتن التي طلت به جميلة...ابتلعت ريقها بخجل ورجفة كلما توجه خطوة اليها ، تحاشت النظر اليه وهي تجيب على مباركة الجيران لها..
وقف أمامها وقال ببسمة تناغمت مع مكر عيناه الشديد حتى قال سقراط:- يلا عشان تقعدوا ، مرحبا بكم ، الكراسي البلاستيك تنتظركم..
ابتسمت جميلة لمزحة سقراط حتى توجهت للمقاعد وجلست على أحدهم ،جلس جاسر بجانبها وتعلقت عيناه بها دون خجل ممن حوله..ان يعرف أنها جميلة ،اكتشف ذلك سريعا ، ولكنه لم يدرك أنها فاتنة لهذا الحد !! اكثر ما زين فتنتها حيائها الواضح بعيناها..ليكن صادق مع نفسه ، العاهرات لم يخجلن ، العفيفات فقط من يمتلكون ذلك السحر الذي يغمر قلب الرجل بالسيطرة والرفق لأنثاه..
قال بهمس خبيث :-
ماينفعش كلام خالص دلوقتي ، هستنى لما نقعد لوحدنا
اطرفت عيناها بدقات قلب عالية ، تراه ماذا يقصد وماذا ينوى هذا المغرور ؟!

راقبت حميدة نظرات يوسف اليها بين الحين والآخر بينما انتبهت لسؤاله وهو يسال سقراط عنها فقالت له:-
_ بتسأل عليا ليه؟!
تراقص المرح بنظراتها وهي ترى اتساع عيناه بصدمة حتى قالت ضاحكة:- أنا حميدة يا يوسف ؟!
حملق يوسف بها لبعض الوقت بذهول فقال بحدة:-
_ حميدة مين يا وزة أنتي احنا هنهزر؟!
لوت شفتيها بسخرية وقالت:- اعملك ايه عشان تصدق ، تحب احكيلك أول مرة اتقابلنا فيها لما اتخبطت فيك وانا نازلة على السلم بتاع الشركة وشنطتي اتفتحت والأكل بتاعي وقع وقمت واخد سندوتشين من سندوتشاتي يا طمااااع
حدق فيها بدهشة ثم ابتسم بعدم تصديق ليعود بعد ثواني للدهشة وظل هكذا لعدة دقائق حتى ضحكت حميدة بقوة وقالت:-
_ أنت مصدوم ولا مبسوط ولامالك فيك ايه؟!
قال يوسف بابتسامة تطوف بعيناها بدفء:-
_ عملتي ايه في حميدو صاحبي طلعيه ، مش هعرف اشتغل معاكي تاني بالشكل ده !!
ابتسمت وهي تنظر لجهة أخرى ولكنها قالت:-
_ خلاص همشي واسيبك
تطلع لعيناها لدقيقة وقال بابتسامة :- وتفتكري أنا هسيبك؟!
ارتبكت من طريقته التي لم تعهدها عليه وذهبت من امامه وهي تركض تقريبا...قال يوسف بضحكة:- ملبن..
كتمت حميدة ابتسامتها حتى ركضت لغرفتها واغلقت الباب خلفها وهي تلهث ، دقات قلبها عالية لدرجة الجنون ، ما حدث له ؟! كأنه زهد الطعام فجأة !! وما حل بنظراته البريئة لتتحول الى المكر هكذا!!
ابتسمت ببطء وبسعادة تدق ابواب قلبها بجنون...
                                     ****** الله أكبر
ركضت رضوى الذي تركت سما تتزين بصالون التجميل ، واتت للفتيات قبل ان تنتهي السهرة ، وقفت امام المدخل بعد أن انتبهت لصوت هتف باسمها فجأة...نهض رعد الذي كان جالسا على أحد درجات السلم بالخارج ينتظرها فقد علم من سقراط أنها على وصول بعد دقائق...استدارت رضوى لتجد رعد يقف أمامها بوجاهة وسترته الزرقاء تخطف لون عيناه الأسود بجاذبية هائلة...قال مبتسما وهو يرمق ردائها السماوي الفضفاض وكأنها اسطورة خيالية :-
_ هما استغربوا من التغيير ،بس أنا مش مستغرب ، انا عارف انك حلوة وتقدري تبقي اجمل من كده بكتير كمان..
هربت بعيناها وشعرت بدفء يسري بكامل جسدها فقالت بحياء:- بتحرج..
ضحك رغما عنه وقال بمرح:- حاولي ما تقوليش أي كلمة فيها حرف "ر"
نظرت له بتقطيبة وضيق فأعتذر برقة:- مقصدش أزعلك
قالت وقد تظاهرت بالحدة رغم انها تبتسم سرا:- عايز ايه يا رعد ؟
ضحك مرة أخرى ثم قال برقة لعيناها:- عايزك تسافري معايا اليونان
قالت بغيظ:- قلتلك مستحيل ، وما تفتحش الموضوع ده تاني ، ماينفعش اسافر مع حد غريب !!
اقترب خطوة فأبتعدت ذات الخطوة بخجل :- انا مصمم تسافري معايا ، وطالما ماينفعش وانا غريب فأكيد هينفع وأنا قريب ، مبروك يا رضوى..
ابتسم بتسلية وهو يراقب ارتباكها الشديد فقالت بتلعثم :- مبروك على ايه؟!
اشار للحفل بالداخل وقال بمكر:- لخطوبة جاسر وجميلة ، يلا ندخل نباركلهم..
دلفت للداخل واخفت ابتسامتها فقال بهمس ماكر:- بطلي تضحكي الناس يقولوا علينا ايه؟!
فالتفتت له بغيظ فضحك ضحكةً عالية...
                               ****** سبحان الله العظيم
اتت سما وهي تركض أيضا لتلحق السهرة قبل أن تنتهي ووعدتها للي بأغلاق الصالون وستأت بعد قليل...ركضت وتراقت الدرجات بخطوات سريعة حتى التوى قدميها وسقط نعل حذائها للأسفل ،نظرت سما بضيق للسلم المعتم وقالت:- ده وقته!!
كان الصعود بهذا الظلام اسهل بكثير من الهبوط..استند على الجدار القصير هبوطا حتى اصطدمت بكتف احدهم...لم يمضي الكثير فهي اكتشفته من عطره الخاص..
اخرج آسر قداحة من جيبه واشعلها أمام وجهها ،نظرت له سما وتجمدت..نظر آسر اليها بعمق وبعيناه شرود عميق..ارتفع صوتها انفاسها بتوتر وارتباك فقالت بتلعثم :- جزمتي..وقعت وكنت
تفاجئت بنطقه لاسمها ببطء:- سما
أرادت ان تبتسم ، لم تكن تتمنى أكثر من هذه النظرة الدافئة الحنونة ، ولكنه يبدو أنه يحتجزها عن الحركة !! تساءلت بتوتر..كم ستبقى من الوقت هكذا تنظر له وينظر لها ، وشعور خفي تمنى لو تلك اللحظات تدوم للأبد..
قالت بخجل:- ممكن..الجزمة بتاعتي!!
لم يحرك ساكنا!! بل ظل ينظر لها ،بالتأكيد لم تكن اجمل من شاهد ، ولكنه تفاجئ أنه راها بهذا الشكل تماما بخياله ، ربما تمنى ان تكن هكذا !! التقط حذائها سريعا واعطاه لها بنظرات لم تحيد من عليها ،ابتعدت وارتدت حذائها وصعدت الدرجات بجانبه..لما لم تكن الدرجات أكثر من ذلك؟! لم وصل لمدخل المنزل بهذه السرعة فرمقها ببسمة وقال:- فستانك يجنن بس ضيق!! كويس أن كل الموجودين ستات..
كادت أن تجيب حتى التفتت على صوت أسعد الذي صعد السلم بعدما عانى في السؤال ليعثر على البيت الصحيح...قال عندما شاهد  آسر:- اخيرااا وصلت
صدم آسر لمجيء أسعد وقال:- انت عرفت منين؟!
قال أسعد وهو يرمق سما بنظرات اعجاب ولم يكتشف أنها سما السكرتيرة ذو النظارات الغليظة :- آنسة سما اللي عزمتني ، هي مين الانسة دي مش تعرفنا؟!
توجه بالحديث لسما لتتبدل ملامح آسر للغضب وهو يرمق سما حتى قال:- عزمتك!!
اكد أسعد على الأمر وهو يبتسم لسما وقال:- اه والله عزمتني
تدخلت سما بشعور مرح ظهر بعيناها :- اه فيها ايه لما اعزمه ؟!
ذهل أسعد منها وهتف :- أنتي سما معقول؟! ايه القمر ده يخربيتك!
تفاجئت سما بإلاطراء وحقا لم يروقها وبالأخص عندما اتقدت عين آسر بغضب مميت ، دلف آسر للداخل بخطوات سريعة غاضبة وتركهم فنظرت سما بإتجاه بضيق وعنفت نفسها بهذه الدعوة الذي هدمت أكثر لحظاتها شاعرية مع آسر...
دلفت وتعمدت تجاهل أسعد الذي لم يبتعد بعيناه عنها..حتى وبعد لحظات اختفى تمامًا...بحثت عنه بعبوس على ملامحها ولم تجده ،
اتت للي وهنأت الجميع مع فرحة حقيقية نبعت من الفرحة التي وضعتها بقلب الفتيات... قاربت السهرة على الانتهاء فأستأذنت سما وقالت لحميدة :- هطلع انا فوق ،حاسة اني صدعت
وافقت حميدة بقلق عليها ليقل يوسف بابتسامة:-
_ ممكن تجيبيلي طبق جاتوه كمان ؟
ابتسمت حميدة وقالت:- حاضر ، ساعات بتحسسني أني مامتك !!
قالتها بمرح ولكنه صوب نظره عليها بحنان ،لم تعلم أنه يعتبرها ذلك بالفعل!!
                                  ***** سبحان الله وبحمده
صعدت سما خطوات للأعلى وكانت بطريقها لغرفة السطوح حتى جذبتها يدها لحائط الغرفة بظلام السماء وضي القمر ليلا...قال بعنف:- مين اللي سمحلك تعزميه ؟! وأزاي انا معرفش ولا قولتيلي ؟!
كادت سما أن يغشى عليها من بذعر والارتياع من مفاجئة وجوده فقالت وقد جف ريقها تماما :- أنت بتعمل ايه هنا؟!
قال بذات العنف:- ردي عليا وجاوبيني الأول؟!
نظرت لقربه لها بمقت واستياء وحاولت أن تبعده عنها بقوة ولكنه فهم محاولاتها بأنها تكرهه فهتف بغضب:-
_ معجبة بيه صح؟ أو ممكن تكوني حبتيه كمان !! مانتي
اشارت له سما بتحذير وبدأت تجهش بالبكاء:-
_ ما تتكلمش كلمة عليا ،انا ما كنتش هعزمه اصلا بس هو جه وانا بعزم الباشمهندسة ندى وهو اللي عزم نفسه بنفسه وحرجني فأضطريت ااكد عليه يجي..وبعدين اقولك ليه واخد اذنك ليه ؟!
اقترب اليها مجددا بشراسية وهتف:- عشان أنتي المفروض مسؤولة مني!!
احتارت عيناها من امر هذا الغامض!! فقالت معترفة:- مسؤولة منك ليه!! كوني اني سكرتيرتك ده مايقولش أني بقيت مسؤولة منك انا مش طفلة!!
اكد آسر بعصبية:- لأ مسؤولة مني غصب عنك ، انا حذرتك مرة بس
قاطعته ببكاء :- ما تزعقليش كده !! انا مش تحت امرك ولا خدامة عندك !!
رمقها بضيق وقد بدأت عصبية تقل..قال بعد لحظات:- بطلي عياط
هزت رأسها برفض فابتسم رغما عنه لطفوليتها وقال:- طب عشان خاطري
ارتبكت وهي تزيل دموعها فقال هامسا رغم المسافة بينهم الذي تبعد خطوات:- ما تلبسيش ضيق كده تاني
قالت سما وتظاهرت ببعض الثبات:- طب لو سمحت امشي عشان محدش يطلع فجأة ويلقيك هنا ، هتعملي مشكلة كبيرة
قال آسر وقد تمالك مشاعره بعض الشيء:- همشي ، بس خليكي فاكرة أن دي آخر مرة بحذرك فيها ، المرة الجاية هطرده من الشغل
ذهب من أمامها وتركها تحملق بذهول في الظلام ، حتى تدرجت الابتسامة التي خبأتها لوقت كبير ثم قفزت ضاحكة بمرح..
                              ****** الحمد لله
جلست جميلة بغرفة الجلوس مع جاسر الذي لا زال يرمقها بمكر فقالت وهي تنهض:- هروح اجيبلك حاجة تشربها
نهض وسبقها عن باب الغرفة قبل أن تخرج لتصطدم بصدره ويبدو انه تعمد ذلك...ابتعدت عنه بنظرة عنيفة وقالت بتحذير:- اياك تمسك ايدي تاني أنت فاهم ؟!
نظر جاسر للدبلة بأصبعها وقال :- كلها شهرين وتبقي كلك ملكي
ضيقت عيناها بدهشة وهي تمتمت :- انت بتقول ايه؟!!! انت صدقت!!
هز رأسه مؤكدا ببسمة خبيثة:- أوي ، مش عارفة ليه بتعامليني كده !! في واحدة تعامل خطيبها...حبيبها..بالقسوة دي؟!!
عموما كلها شهرين وهعدلك دماغك دي ياروحي..
ابتسم ابتسامة واسعة وهو يرى عيناها اشتعلت غيظاها وعصبية فأجلسها على المقعدة بالقوة وقال لعيناها ببطء :-
_ اقولك حاجة...لو بإيدي كنت كتبت كتابي عليكي النهاردة...ماتنكريش أني عاجبك ، انا عمري ما قابلت بنت وما عجبتهاش !!
نهض بشراسة وقالت:- مغرور وشايف نفسك ، مستحيل اتجوز واحد زيك
نظر لها بتحدي وقال وقد اظهرت نبرته قوة تحديه:- لو رفضتي...هخطفك

                                  *******  اللهم حسن الخاتمة


________________________



:: جميع الحقوق محفوظة لكاتبة الرواية ::


#رحاب_إبراهيم🥰😍❤

هل تريد كتابة التعليق.. اترك تعليقك هنا ..
التعبيراتالتعبيرات